العهد الجديد (كلمة الله)

السبت، 2 أبريل 2011

الحكمة رداء أم ثمر ؟

يحتاج الناس الى شخص يُدعى "حكيماً" يكون قريباً منهم يسألونه و يشاركونه الرأي و يطلبون منه و لو كلمة قد تنقذ أو تغير أمراً هاماً في حياتهم.
و غالباً يأتي طلب هذا الشخص "الحكيم" حينما تضيق الآفاق و يزداد الضيق فلا يكون باقٍِِ الا طلب الحكمة من أي حكيم.
و لأن الحكمة لا تباع في الأسواق و لا تشتري انما هي عطية من عطايا الله فلابد أن نعي تماماً أن الحكمة الحقيقية هي من السماء من فوق .
فبينما يتجه الناس لشراء مستلزماتهم بالنقود و لو كانت في أقاصي الأرض يرسلون من يشترونها لهم فكل شيء يمكن شرائه من السوق..عقارات و سيارات و اراضي و خلافه يمكن شراؤها بالنقود
الا أن احتياج الانسان العميق الى شخص يقف بجانبه و يرشده الى طريق سليم دون مقابل لا يمكن تسديده الا من خلال شخص أمين حكيم تتميز حكمته بأنها من السماء أي من عند الله..
غير أن هناك الكثيرين لهم صورة الحكمة و تجد كلامهم مزينا بها و أفكارهم تبدو هكذا و قد تعجب جدا بآرائهم و لا سيما لو وجدت أنهم يسايرون ما في لُبك و يوافقون عليه فتجد نفسك تنجذب لهم واصفا اياهم بحكماء و لا تلبث أن ترى أن نهاية الأمر لم تكن كما توقعت بل رأيت أنها الحكمة الخادعة و لم تكن الحكمة التي تشتاق اليها نفسك
لذلك يقول الكتاب عن هذا النوع من الحكمة انها
" ليست هذه الحكمة نازلة من فوق بل هي ارضية نفسانية شيطانية " يع16:3
لاحظ عزيزي القاريء : أرضية - نفسانية - شيطانية
لها أساليب العالم و تأتي من النفس كمصدر و ليس من الروح و لا شك أن الشيطان يضع بصماته عليها.
و لأن التمييز بين الحكمة السمائية الآتية من الله و بين هذه الحكمة الغاشة غالبا ما يكون صعباً لأن الانسان ينجذب بسهولة الى أي شخص يتكلم كلاماً قد يراه جميلا و لا ينتظر ليمتحن الأمر أولا بل يسرع في تتبع هذا الشخص الى أن يكتشف ما لم يتوقعه في نهاية الأمر لذلك أسرع يعقوب الرسول قائلاً:
" من هو حكيم وعالم بينكم فليُر اعماله بالتصرف الحسن في وداعة الحكمة"يع13:3
فالاقتران الثلاثي بين الشخص الحكيم و اظهار اعماله بالتصرف الحسن مع توافر وداعة الحكمة ..هذا الاقتران المذهل يعطي انطباعا عن الشخص الحكيم بحكمة السماء و التي قال عنها نفس الرسول يعقوب
" واما الحكمة التي من فوق فهي اولا طاهرة ثم مسالمة مترفقة مذعنة مملوءة رحمة واثمارا صالحة عديمة الريب والرياء. " يع17:3
و ما أجملها كلمات عن سمات الحكمة السمائية
من فوق...... طاهرة......مسالمة......مترفقة......مذعنة....مملوءة رحمة و أثماراً صالحة...عديمة الريب و الرياء....
في ضوء تعليم الكتاب المقدس يتضح أن الحكمة التي بهذه الصفات هي الحكمة الآتية من فوق أي من عند الله هي حكمة مثمرة ملآنة أثماراً صالحة من الطهارة و الترفق و السلام و الرحمة و خالية من الرياء و الريب
أنت و أنا عزيزي القاريء هل نرتدي رداء الحكمة أم نراها ثمر للروح القدس في حياتنا و مثمرة أيضاً في نفسها أثمارا تشبع النفس و الآخرين و ترضي الله نفسه؟
لابد من مراجعة أمينة للنفس في هذا الشأن
ليس كل ما له مظهر الحكمة هو حكمة
بل ليست كل حكمة و لو كانت (حكمة فعلا) آتية من السماء.
هل تتذكر عزيزي القاريء قصة ملكة سبأ؟
و كيف انها اتت من بلاد بعيدة حتى تقابل سليمان الحكيم.
"وسمعتملكة سبأبخبر سليمان فاتت لتمتحن سليمانبمسائل الى اورشليم " 2أخ1:9
انظر كم قطعت ملكة سبأ من أميال من موقع مملكة سبأ الى أورشليم حتى تتكلم مع سليمان بما في قلبها و تنتظر كلمات الحكمة المجيبة لكل ما في قلبها .
ان الحكمة السمائية لا يضاهيها شيء فهي الحكمة الآتية من عند أبي الأنوار فلا شك أنها الحكمة الكاملة التي تزين الشخصية و تغلف الكلمات فتكون كلمات النعمة منسكبة على الشفاه
يقول الوحي "طوبى للانسان الذي يجدالحكمةوللرجل الذي ينالالفهم. " أم13:3
و يسوع المسيح مكتوب عنه "واما يسوع فكان يتقدم فيالحكمةوالقامة والنعمة عندالله والناس " لو52:2
و كتب عن بولس الرسول "كما كتب اليكم اخونا الحبيب بولس ايضا بحسبالحكمةالمعطاة له"2بط15:3
و طلب بولس الرسول لأجل شعب كنيسة أفسس "كي يعطيكم اله ربنا يسوع المسيح ابو المجدروح الحكمةوالاعلان في معرفته " أف17:1
لابد أن نطلب بلجاجة من أجل روح الحكمة أن يملأ أوانينا كي نستطيع أن نري الأمور بطريقة مختلفة من منظور حكمة الله ...
لا ينبغي أن نرى أنفسنا حكماء بسبب الخبرة أو المعرفة و لو كانت معرفة كتابية حتى أو بسبب اختباراتنا أو مدة معرفة الرب في حياتنا ..
لا ينبغي أن نرى أنفسنا حكماء بل نطلب روح الحكمة باستمرار
و لابد أن نعي تماماً أن الحكمة لا تعني الفلسفة و لا تعني الردود المنمقة المرتبة و الكتابية و حفظ الشواهد عن ظهر قلب و استحضار الآية أو عدة آيات فوراً عند أي مناسبة سواء تطلب الأمر هذا أو لم يتطلب!
الحكمة هي روح . الشخص المملوء بها هو شخص يطلبها باستمرار كما هو مكتوب
"وانما ان كان احد تعوزهحكمة فليطلبمن الله الذييعطي الجميع بسخاء ولا يعيّر فسيعطى له. " يع5:1
و تجد الحكمة ليست في الكلمات فقط كما يعتقد البعض انما في كل جوانب الحياة و تجدها مغلفة بالوداعة فالشخص الحكيم تجده وديعاً لا يحتد أو يثور لمجرد أي تصرف من الآخرين لا يلائمه بل تجده وديعاً جداً مثل يسوع .
يقول الكتاب " بدء الحكمةمخافة الرب ومعرفة القدوس فهم " أم10:9 فهل أعيش أنا و تعيش أنت عزيزي القاريء في مخافة الرب ...أم أننا تأكدنا أننا أصبحنا حكماء و لا حاجة لنا لأن نحيا في خوف و مخافة الرب؟
فكثير من أبناء الله يتكلون على عصافات من الحكمة تبدو في حياتهم و يعتبرونها أسلحة يواجهون بها كل شيء لدرجة قد تقودهم لعصيان الله نفسه ...............!!!
لا تتعجب عزيزي القاريء فموسي النبي رغم الحكمة التي كانت له و يعتبر كما يقول مفسرين الكتاب أنه أعظم مخلص في العهد القديم وقع في فخ الحكمة الشخصية و استند عليها و أحزن قلب الله و نال عقاباً صافعاً..
أنظر سفر العدد أصحاح 20 و اقرأ قصة الصخرة الشهيرة حين أمر الله موسي أن يكلم الصخرة فتخرج ماءً و يسقي الشعب لكن موسي كان قد رأي أن يضربها كما فعل من ذي قبل ....حكمة موسي البشرية الضعيفة تتحدي حكمة الله غير المحدودة.
الله يأمر موسي بأن يكلم الصخرة بينما يري موسي شيئاً آخر و النتيجة النهائية تتلخص في
- خروج ماء من الصخرة
- حكم الله علي موسي بعدم الايمان و بالتالي حرمه من دخول الأرض الموعودة.
خرج الماء من الصخرة لأجل أمانة الله و محبته الفائقة لشعبه و تقديره للعطش المميت الذي تعرض له الشعب . بينما حكم على موسي بعدم الايمان إذ تصرف موسي بحكمة شخصية أتت من خبرة اعتبرها موسي خبرة غالية الثمن تنفع في كل الأوقات .
ان الحكمة عزيزي القاريء دائماً متجددة لأنها من الروح القدس المحيي و ان أصبحت مخزون في جعبة الانسان تتلف و لا تنفع شيء و ان اعتقد هو بنفعها لا يلتفت لها الرب.
يقول الكتاب عن أبيجايل أنها "وكانت المرأة جيدة الفهم وجميلة الصورة " 1صم3:25 و لهذا فقد منعت داود من اراقة الدماء بدون سبب و هذا الفهم الجيد الآتي من الحكمة القلبية يقول عنها الكتاب بخصوص المرأة "حكمة المرأةتبني بيتها والحماقة تهدمه بيدها. " أم 1:14 أين الحكمة في حياة المؤمنة؟؟؟؟
و هل تري المرأة بيتها يبني أم يهدم؟؟؟
و هل ان كان يهدم تسرع لطلب الحكمة التي تعيد بنائه أم تتركه للهدم و دخول الناهبين و المتلفين الي أن يصير خرابا مخربا!
كل هذا يعتمد على شيء صغير جدا جدا ...ألا و هو طلب الحكمة.
شيء أخير أود أن أقوله هو أن طلب الحكمة يقينا و يجنبنا ويلات لا حصر لها و أننا في مواقف كثيرة نقول يا ليتنا كنا تصرفنا بهذا الشكل أو ذاك فجنبنا أنفسنا الكثير و الكثير من بلاء هذا الأمر ....
لا تبخل أن تصلي أو تطلب الحكمة
انظر كلمات الكتاب
"الحكمة تنادي في الخارج.في الشوارع تعطي صوتها. 21 تدعو في رؤوس الاسواق في مداخل الابواب.في المدينة تبدي كلامها 22 قائلة الى متى ايها الجهال تحبون الجهلوالمستهزئون يسرّون بالاستهزاء والحمقى يبغضون العلم. 23 ارجعوا عند توبيخي.هانذا افيض لكم روحي.اعلمكم كلماتي 24 لاني دعوت فابيتم ومددت يدي وليس من يبالي 25 بل رفضتم كل مشورتي ولم ترضوا توبيخي 26 فانا ايضا اضحك عند بليتكم.اشمت عند مجيءخوفكم 27 اذا جاء خوفكم كعاصفة وأتت بليتكمكالزوبعة اذا جاءت عليكم شدة وضيق. 28 حينئذيدعونني فلا استجيب.يبكرون اليّ فلا يجدونني. 29 لانهم ابغضوا العلم ولم يختاروا مخافة الرب. 30 لم يرضوا مشورتي.رذلوا كل توبيخي. 31 فلذلك ياكلون من ثمر طريقهم ويشبعون من مؤامراتهم. 32 لان ارتداد الحمقى يقتلهم وراحة الجهال تبيدهم. 33 اما المستمع لي فيسكن آمنا ويستريح من خوفالشر " ام 1: 20-33
اطلب الحكمة و لن تندم فالرب يحب الذي يطلبها منه جدا و لا يبخل عليه أن يعطيه منها و يزيد أيضاً يريدنا الرب أن نثمر في حياتنا ثمر الحكمة
و لا يطيقنا الرب حينما يرانا نرتدي رداء الحكمة من الخارج بينما أجوافنا ملانة حماقة و جهل..فان كنا حكماء فلأنفسنا و ان استهزأنا فنحن من نتحمل في نهاية الأمر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق